وُلد في مكة المكرمة عام 1313هـ، في بيئة دينية وتجارية أصيلة ارتبطت بتاريخ مكة وأهلها. وقد نشأ في حي الغاشاشية، وهو أحد الأحياء القريبة من المسجد الحرام، حيث بدأ أولى مراحل تعليمه بمدرسة
الترقي، وهي واحدة من المدارس الرائدة في تلك الحقبة المبكرة من التعليم النظامي بمكة. كان شديد الحرص على التعلم منذ صباه، مما أهّله لأن يتلقى بعد ذلك دروسًا في حلقات المسجد الحرام، حيث تنهل القلوب والعقول من علوم الشريعة واللغة.
ومن أبرز مشايخه الذين تلقّى عنهم العلم الشيخ
أحمد ناضرين، أحد علماء مكة المشهورين وقضاتها، كما أخذ عن الشيخ
سالم شفي، والسيد
علوي عباس مالكي، اللذين يعدّان من كبار علماء مكة في تلك الفترة. ترك هذا الجو العلمي والديني أثرًا عميقًا في تكوينه وبناء شخصيته، فجمع بين حب العلم وتقدير العلمـاء من جانب، والالتزام العملي والجدية في شؤون الحياة من جانب آخر.
الحياة العائلية والنشأة
كان أصغر إخوته، ونشأ في كنف والده الشيخ
عمر قزاز، الذي كان يعمل في تجارة الأقمشة، وهي من أبرز الحِرَف المكية آنذاك. وكان والده يمتلك دكانًا بسوق
سويقة الشهير، القريب من المسجد الحرام من ناحية باب زيادة في الشامية. هناك، تعرّف منذ صغره على ملامح الحياة التجارية التقليدية في مكة، والالتقاء بالمعتمرين والزوار من مختلف الأمصار.
وبعد وفاة والده، التزم مع إخوته
عثمان و
عبد القادر بمسؤولية رعاية البيت واستمرار نشاط العائلة التجاري. فقاموا معًا ببيع الأقمشة في دكان آخر بالمسعى، يقع أمام باب النبي، وهو الموقع الذي كان يعج بالحركة التجارية والحجاج من شتى الأقطار. وقد أسهم عمله المبكر مع إخوته في صقل شخصيته وتنمية حس المسؤولية لديه.
الوظائف والمسؤوليات
بدأ مسيرته الوظيفية الحكومية عام 1351هـ حين عُيِّن
أمينًا لفرع الشونة بمكة، وهو عمل يتطلب أمانة وانضباطًا. ثم تدرج في عدة مناصب إدارية:
- في عام 1355هـ أصبح معاونًا لمأمور البيوت.
- في محرم 1358هـ تولى مهمة مأمور فرش البيوت.
- في محرم 1361هـ نُقل إلى وظيفة مساعد مأمور فرش دور الضيافة.
- في نهاية جمادى الآخرة من عام 1365هـ عُيّن مأمورًا للمسترجعات، وهو عمل يختص بمتابعة وإدارة ما يُعاد من ممتلكات وأمانات.
ثم اختتم مساره الوظيفي بموقع له صلة مباشرة بالحجاج والزوار، حيث عمل
مرشدًا بإدارة شؤون الحج في مكة، فكان على احتكاك مباشر بضيوف الرحمن، مشاركًا في تنظيم شؤونهم وإرشادهم.
انتقاله إلى جدة
في بداية شهر جمادى الأولى عام 1370هـ انتقل إلى مدينة
جدة، وعُيّن
مشرفًا على القسم الداخلي بالمدرسة الصناعية، وهو عمل تربوي وتعليمي أشرف من خلاله على الطلبة المقيمين في المدرسة. استمر في أداء هذه المهمة حتى بلغ سن التقاعد عام 1373هـ، حيث ترك خلفه سيرة طيبة يشهد له بها زملاؤه وطلابه.
وفاته
بعد عمر مليء بالعلم والعمل وخدمة ضيوف بيت الله، توفي رحمه الله في مدينة
جدة مساء يوم 9 محرم 1402هـ. نُقل جثمانه إلى مكة المكرمة، المدينة التي ولد فيها وعاش أجمل سنوات حياته، حيث صُلي عليه في رحاب المسجد الحرام، ودُفن في مقبرة
المعلاة يوم 10 محرم، بجوار إخوته وأهله، ليلقى ربه بعد أن خلّف ذكرًا حسنًا وسيرة عطرة بين أهله ومعارفه.