ولد الشيخ إسماعيل بن قزاز في مكة المكرمة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، في بيت عريق اشتهر أبناؤه بالتجارة والثراء. فقد كان إخوته من كبار تجار مكة، ومن الطبقة المميزة بين أهلها، إلا أن إسماعيل، على خلاف إخوته، لم يتجه نحو التجارة، بل اختار طريق العمل في خدمة الدولة في عهد الأشراف بالحجاز. وقد تميز منذ شبابه بروح مختلفة، تجمع بين الحزم والانضباط والميل إلى العمل الإداري والعسكري.
بداياته في خدمة الدولة
في أول حياته العملية التحق بخدمة الأمير علي جميل الراوي، حيث كان من المرافقين له خلال إشرافه على مشروع تجديد خط سكة حديد الحجاز، الواصل بين الشام والحجاز، وهو المشروع الذي كان له أهمية دينية وسياسية واقتصادية كبيرة في تلك الفترة. بدأ إسماعيل القزاز خدمته برتبة ملازم أول، ثم رُقي بعد ذلك إلى رتبة زعيم، وهي رتبة عسكرية معتبرة آنذاك، الأمر الذي جعله من الشخصيات البارزة في الجهاز الإداري والعسكري الباكر للدولة في الحجاز.
توليه إمارة العلا
وفي عام 1337هـ أسندت إليه ولاية إمارة العلا، ليكون قائم مقام فيها، واستمر في منصبه حتى عام 1344هـ. وتأتي أهمية العلا من موقعها الإستراتيجي على طرق القوافل والحج، فضلًا عن تاريخها الذي جعلها مركزًا ذا شأن في المنطقة.
كانت العلا قد مرت بتحولات سياسية كثيرة قبل تولي الشيخ إسماعيل القزاز إمارتها؛ ففي عام 1046هـ (1636م) قام والي دمشق العثماني عيسى باشا بتحصينها، وظلت لوقت طويل مرتبطة إداريًا بالمدينة المنورة. وفي القرن التاسع عشر أصبحت تابعة لإمارة حائل خلال حكم محمد العبد الله الرشيد، غير أن فرض الضرائب النقدية على سكانها أثار غضب أهلها، فقاموا باغتيال عامل ابن رشيد في العلا عام 1309هـ. وبعد ذلك عادت تبعيتها إلى المدينة المنورة واستقر بها قائم مقام من الدولة العثمانية. ومع انتقال الحكم في المدينة المنورة إلى الأشراف، أصبحت العلا مرتبطة بإمارتهم، وهنا برز دور الشيخ إسماعيل القزاز الذي تولى إدارتها ممثلًا عنهم.
تكريمه بالوسام
تقديرًا لخدماته وأمانته في إدارة شؤون الإمارة، منح الشريف حسين بن علي بن محمد بن عون، ملك الحجاز، الشيخ إسماعيل القزاز وسام الاستقلال من الدرجة الثالثة، وكان ذلك من أرفع الأوسمة التي تمنح لكبار رجالات الدولة في ذلك العهد. ويدل هذا الوسام على ما كان يتميز به من كفاءة وحسن تدبير.
عهد الملك عبد العزيز
بعد دخول الملك عبد العزيز آل سعود إلى الحجاز، أمر بالتحفظ على بعض رجالات الدولة السابقين، وكان الشيخ إسماعيل القزاز من بينهم. إلا أن الملك اكتفى بتحديد إقامته في مكة المكرمة، وجعل له راتبًا بسيطًا يعيش منه. ومع أنه لم يكن يملك أموالًا أو تجارة خاصة، إلا أن حياته مضت على سكينة ورضى.
أيامه الأخيرة ووفاته
أصيب الشيخ إسماعيل القزاز بالمرض في أواخر أيامه، مما اضطره إلى الانتقال للعيش في بيت أخيه التاجر المعروف بكرى قزاز في حي الشامية بمكة المكرمة. وظل هناك تحت رعاية أسرته حتى توفاه الله، تاركًا ذكرى عطرة وسيرة مشرفة في خدمة وطنه وأمته.