مرموقة جعلته في طليعة الاعلام العربي,

ومن خلال قراءة لبعض صفحات بحث قدمه الاستاذ حسن عبدالحي قزاز لمؤتمر الملك عبدالعزيز الذي عقد في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية بعنوان: لمحة عن

الاعلام في عهد الملك عبدالعزيز، مشيراً الى بدايات ظهور الصحافة السعودية، وملامح الاعلام السعودي وخصائصه وقد اشار الاستاذ قزاز الى ان الاعلام السعودي،

كما وضع اسسه جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وارسى قواعده، كان مواكبا لمنهج الدولة في سياستها الداخلية والخارجية ومرتبطا بأهدافها وغاياتها في الثبات

والوضوح واعلاء كلمة الحق ومواجهة التحديات التي كانت ومازالت وستظل تحيق بالعالمين العربي والاسلامي, وطبقا لذلك فقد اتخذ الاعلام السعودي مسارا مميزا

واتبع سياسة مستقلة في ابداء الرأي الحر وممارسة النقد البناء والالتزام بالصدق والامانة في نقل الكلمة الى جانب رأي الاخرين، وتطويع المواقف اياً كانت

لمنطق العقل والواقع بمنأى عن الانفعال العاطفي,, اذ كان الاعلام السعودي ولا يزال وسيظل ملتزما بمبدأ التحري عن كل ما يبثه من قول او رأي او حدث التزاما

منه بمبدأ الواقع والحقائق المحيطة به حتى لا ينساق وراء الاراء الفجة والافتراضات الذاتية التي لا تنسجم مع الاوضاع والامور المتفق عليها بين الناس شرعا

وعرفا واخلاقا وواقعا, فالاعلام السعودي ملتزم - كما اراد له الملك عبدالعزيز - بمواقفه الثابتة تجاه قضايا المجتمع واهتماماته كمنطق لاهتمام الدولة

وحرصها على حرية الكلمة الصادقة الامينة التي نرحب بها ونتبناها,

ولما كانت هذه البلاد تستمد مناعتها من النور الذي انبلج في سمائها ومن الانطلاقة الاسلامية التي ظهرت على ترابها معلنة انبثاق فجر جديد في حياة الانسانية

على يد سيد الرسل وخاتم النبيين محمد بن عبدالله صلوات الله عليه وسلم وافضل التسليم، فكان من الامر الطبيعي الذي تقتضيه قدسية ارضها وتشريفها بالحرمين

الشريفين وانبثاق الدعوة الاسلامية منها، ان تتخذ من القرآن الكريم دستورا ومن الشريعة السمحة في مجملها منهج حياة ودين, ومسلكا خلقيا رفيعا,, ولقد كان في

مقدمة الامور التي اهتم بها جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله توطيد الامن والاستقرار في البلاد وكانت وسيلته لتحقيق ذلك تطبيق الشريعة السمحة والتزام

مواقف الجدية ضد من يخالفها، حتى استطاع جلالته - وفي فترة وجيزة- التمكن من تثبيت الامن والاستقرار في ربوع الجزيرة العربية، وبارساء هذه القواعد

الاساسية للحكم استطاعت البلاد ان تشق طريقها نحو البناء والتشييد والنهوض بمستواها في مختلف المجالات الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، واستطاع ابناؤه

من بعده توفير اسباب البناء في كافة ربوع البلاد وتحقيق طموحات المواطنين وتطلعاتهم الى المستقبل الافضل,, لقد كان الملك عبدالعزيز رحمه الله على اقتناع

ذاتي بان العلم والثقافة وسيلتان لانارة الفكر، ومدخلان الى حياة التقدم والارتقاء، وهو بلا شك واضع حجر الاساس لحركة التعليم الحديث والقفزة الاعلامية

والحضارية التي تعيشها البلاد في الوقت الحاضر,, وهي التي اكدها وعزز ووسع بنيانها جلالة الملك فهد ولده البار,

وعلى صعيد الاعلام والسياسة الخارجية لبلادنا، اكد الاستاذ قزاز ان السياسة الخارجية كانت تستمد مفهومها ومنطلقاتها من الدعائم والركائز التالية: وفي

مقدمتها بث الاعلام السعودي عبر هذه المنطلقات:

أ- دعم العلاقات العربية والاسلامية، وبذل الجهود المكثفة للتغلب على عوامل الفرقة التي كان الاستعمار والصهيونية والشيوعية يتعاملون متكاتفين لبثها بين

صفوف الامة العربية والاسلامية واستغلال الخلافات الجانبية في الرأي او الموقف وبخاصة ان كثيراً من الدول العربية والاسلامية كانت ترزح تحت نير الاستعمار

والاحتلال او تخضع لسياسة اقتسام مناطق النفوذ، وكان دور المملكة في ذلك الوقت دورا رياديا في جمع شمل الامة ومواجهة التهديدات والتحديات الخارجية اياً

كان مصدرها,

ب- احلال مبدأ التكافؤ في التعامل الدولي,,

ج- كانت السياسة السعودية ومازالت لا تتحدى احدا ولا تسمح لان يتحداها اياً كان، ولا تتدخل في سياسة الاخرين، ولا ترضى لاحد ان يتدخل في شئونها، تمارس

مسئولياتها طبقا للشريعة السمحة ولا شأن لها بسياسة الاخرين فيما عدا الود والاحترام كأساس للتعامل مع الاخرين,,

د- وكانت اهدافها ولا زالت واضحة تجاه اشقائها من العرب والمسلمين,, ويتجسد هذا الوضوح في علاقاتها مع الدول العربية والاسلامية لتوحيد صفوفها تجاه

اعدائها الحقيقيين وتسعى المملكة بالتعاون مع العالمين العربي والاسلامي لاعلاء كلمة الله ورفع شأن المسلمين ودفع الغبن عنهم،وازاحة كل اسباب مطامع

الاستعمار البغيض عن بلادهم، وتقديم المساعدات المالية اليهم، وبذل الجهود في المحافل الدولية لايضاح المواقف العادلة للامة العربية والاسلامية ولفت نظر

العالم الى المخاطر الناجمة عن الاجحاف بحقوقها وتجاهل قضاياها,

،****************

لقاء وإعلام,,!،

ويقول الاستاذ قزاز ان لقاء الملك عبدالعزيز رحمه الله مع زعماء ورجال العالمين العربي والاسلامي على صعيد عرفات، وفي الحفل الذي كان يقيمه تكريما لهم في

قصره بالمعابدة في اليوم السادس من شهر ذي الحجة كل عام، واستمرار هذا التلاقي حتى الان سنويا، كان هذا اللقاء بمثابة مؤتمر صحفي يشرح فيه جلالته سياسة

بلاده تجاه مجريات الاحداث العالمية، وتجاه الاحداث التي عاشها العرب والمسلمون وبالذات فلسطين والفلسطينيين، والجزائر ولبنان قبل ان يحصلا على

استقلالهما,, فكانت هذه بمثابة وسيلة اعلامية طبقها جلالته بحنكته المعروفة عنه,, والكل يعرف,, كل العرب والمسلمين وكافة اقطار العالم بما نصح به جلالته

منذ عام 1946م واشار اليه بأن الفلسطينيين هم اقدر على الحفاظ على بلادهم من غيرهم,, وعلى العربي اينما كان ان يمدهم بالمال والسلاح ليردوا كيد الكائدين

والمتربصين والطامعين في فلسطين,,

،****************

مفهومنا الإعلامي

ومرت مواقف، ومواقف احاقت بالأمتين العربية والاسلامية واحبطت أمانيهم وتطلعاتهم، ومازالت وستظل هكذا مالم يتمسكوا بوحدة الكلمة والصف ويتنبهوا الى حتمية

وحدة المصير,

اما سياستنا وبالذات السياسة الاعلامية -يواصل قزاز- فلا زالت تسير على النهج ذاته لا تحيد عنه، ولا تنفك تنبه العالم الى المخاطر المحيطة به والتي تواجهه

في حياته ومعاشه ومستقبله مالم يصبح العدل رائد الجميع,, تطبيقا للقواعد التي ارساها جلالة الملك عبدالعزيز, من هذه المعطيات استمد الاعلام السعودي ركائزه

الثابتة ودعائمه الاساسية واستلهم خصائص مقوماته، منذ عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، فكان انعكاسا اميناً لسياسة الدولة العامة وعلى صعيديها الداخلي

والخارجي، معتمداً في ذلك على الصدق فيما يصدر عنه - من قول او فعل,, مستلهماً اخلاقياته من معطيات ديننا الحنيف وملتزما باخلاقيات الكلمة البناءة والرأي

الهادف والنقد الموضوعي في مساراته كافة وفي مراحل تطوره جميعها وفي ظل هذه الاعتبارات وضع الملك عبدالعزيز المرتكزات الاساسية للاعلام كما سبق له ان وضع

قواعد الحكم فجاء ثابتا في سياسته واضحا في رؤيته بمنأى عن التهويل والتهويش والمهاترات التي كانت تظهر على الساحة الاعلامية العربية من حين لاخر,

،****************

كيف انطلقت الصحافة السعودية,,,؟

ويقول قزاز ان الصحافة السعودية ظهرت كأول وسيلة من وسائل الاعلام التي كانت في سباق مع الزمن لمواكبة الحياة الاجتماعية بعد ان انتشر التعليم وانشئت

المرافق العامة وارتفع مستوى الوعي,, وقد اضطلع الرعيل الاول من الادباء والمثقفين بمسئولية نشر الثقافة والوعي من خلال الصحف السعودية التي صدرت في ذلك

الوقت، وقد كانت الصبغة الادبية ضافية عليها ولذلك اطلق عليها صحافة المقال بيد انها افرزت ايجابيات واستطاعت ان تمهد الطريق لظهور الصحافة السعودية

الحديثة في اواخر السبعينيات الهجرية,,

،****************

منهج الإعلام السعودي

وقد ظهرت الصحف والمجلات في تتابع زمني متلاحق في عهد الملك عبدالعزيز وقد كان يخصها بتوجيهاته المباشرة رغبة منه في تحديد سياستها واهدافها وغاياتها، وقد

جاء خطاب جلالته الذي القاه نيابة عنه الملك فيصل بمناسبة افتتاح الاذاعة السعودية في اليوم التاسع من شهر ذي الحجة عام 1368ه تتويجاً لرعايته للاعلام

السعودي بصفة عامة ورسم خطاه منذ البداية,